فصل طلاب سوريين عن الأتراك في بعض المدارس التركية

فصل طلاب سوريين عن الأتراك في بعض المدارس التركية

منذ بدء خطوات دمج الطلاب السوريين بالمدارس التركية التي بدأت عام 2015 استقبل الكثير من مديري المدارس الأمر بصعوبة، لكن ومع الخطوات المتلاحقة التي اتخذتها وزارة التربية بدأت الحساسية تتراجع، إلا أن بعض المديرين وخاصة في بعض المدارس في مدينة الريحانية التابعة لولاية هاتاي جنوبي تركيا، كانوا يرفضون إدماج هؤلاء التلاميذ مع أقرانهم الأتراك وخاصة من طلاب الصف الأول، لأسباب تعلق بالتأثير على مستوى كل طلاب الصف، على حد زعمهم.
هناك العديد من الحالات التي رفض أصحابها الحديث عنها، لكن فاطمة “م” تقول لمجلة الغربال دخلت ابنتي مدرسة “الشهيد محمد سعيد” في هذا العام الدراسي وهي الكبرى بين أطفالي الثلاثة، الموضوع مفرح للغاية وكنت أتحضر منذ بداية الصيف بدء التسجيل في المدرسة، خاصة وأن طفلتي خضعت لدورة مدعومة من “يونسيف” ارتادت فيها المدرسة التركية مدة شهر، تضمنت نشاطات مختلفة، لكن مع بدء العام الدراسي تفاجأنا أن الصف الذي فيه ابنتي كله طلاب سوريين، ولا يوجد أي طالب تركي بينهم، وكذلك أيضاً صفوف الطلاب الأتراك ليس فيها أي طالب سوري.
تضيف فاطمة، الأمر كان غريباً بالنسبة لي كأم أريد لابنتي أن تتعلم اللغة التركية وتندمج في المجتمع بسرعة، وبعد عدة أيام دعينا للمدرسة لاجتماع مع مدرسة الصف، تضمن شروحات حول ماهو مطلوب من المستلزمات لكل طالب، بالإضافة لتوصيات حول متابعة الطلاب في البيت وضرورة تعليمهم اللغة التركية، بالتزامن مع الدروس المدرسية.
وتؤكّد أنه وخلال نقاشات مع المدرسة طالبنا بدمج الأطفال السوريين والأتراك في الفصول الدراسية، لكن المعلمة قالت إنها تعليمات من إدارة المدرسة، وبالفعل حضر المدير النقاش وقال إن فصل الطلاب السوريين عن الأتراك هو لصالح الطلاب، مشيرً إلى أن تعلم اللغة عليهم سيكون صعباً بالمقارنة مع زملائهم الأتراك.
وفي سياق حديثها تقول فاطمة، نحن كأهل نحن مضطرين لقبول الأمر، لا أعلم حتى الوقت الحالي إن كان مجدياً أم لا وإن كان فعلاً يحقق للطلاب التقدم والتحصيل في اللغة، وهذا الأمر موجود في غالب المدارس حتى الصف الرابع. فقريبتي لها ابن في الصف الرابع وهو حامل للجنسية التركية بعد طلب من إدارة المدرسة نقلته لفصل فيه طلاب أتراك، هو وطالب آخر سوري في الفصل، وحيدين لا يحتكان بنظرائهما وهي نادمة على ذلك، لكن لم يعد بالإمكان إعادته لصف فيه طلاب سوريين فقط.
رأي تربوي
يقول المدرس والناشط التربوي خالد المحمد لمجلة الغربال، عزل الطلاب السوريين عن الأتراك موجود في عدة مدارس في الريحانية لكنه ليس حالة عامة، وهو مخالف لسياسات مديرية التربية التركية وقرارتها، وهو قرار يتعلق بإدارة المدرسة فقط وغالباً ما يتم تبريره بعدة أشكال، أن العزل لصالح الطلاب السوريين كونهم لا يجيدون اللغة التركية ووضع الأطفال من ذوي المستوى الواحد يعود في صالحهم، لكن هذا غير صحيح، بحسب تعبيره.
ويضيف أن بعض مديري المدارس تكون نواياهم حسنة، لكن هناك سوء نية من الإداريين يتمثّل بعزل الطلاب لدوافع عنصرية وهذا قليل جداً، والسبب الثالث يعود إلى حدوث خلافات ومشاكل بين الطلاب السوريين والأتراك فترى الإدارة عزلهم عن بعض من أجل وضع حد لهذه الخلافات، ونرى هذا كثيراً في المدارس الثانوية، وربما ترى الإدارة أن الطلاب السوريين يعترضون للتنمر من الطلاب الأتراك، ولا تجد حلاً إلا بالعزل فتقوم بهذه الخطوة، مع أنها غير ناجعة تربوياً ولا تسهم باندماج السوريين في المجتمع التركي.
ما رأي الطب النفسي في مسألة الفصل بين الطلاب
تقول الأخصائية النفسية والتربوية والمستشارة بالدعم النفسي والاجتماعي رزان مصطفى لمجلة الغربال، إن عزل الطلاب السوريين عن الأتراك خاطئ تربوياً، وسيؤثر على نفسيات الطلاب السوريين بشكل أكيد، كما يجعل الطلاب الأتراك يظنون دائماً أنهم أفضل من السوريين وهذا يزيد من تنمّرهم، وهذا العزل يسير بشكل عكسي ضد وجهة النظر التي تدعو إلى الاندماج، إن كان من قبل الاتحاد الأوروبي الذي يموّل مشاريع التعليم والاندماج للسوريين في تركيا ودول الجوار، وخاصة الأطفال الذين تضرّروا من الحرب.
وبحسب رزان فإن وضع الطلاب السوريين والأتراك في صفوف موحدة مع وجود مراقبين ومرشدين نفسيين هو الأنجع، ويسهم بشكل كبير في تعلّم السوريين للغة التركية، وكسر الحواجز بين الفئيتن، خاصة أن الأطفال في الأعمار المتقدمة تكون لديهم قابلية أكبر لغرس قيم الحب والتشاركية، وفي نفس الوقت تكون لديهم قابلية أيضاً لتلقي الطباع السيئة التي منها الفوقية والعنصرية والتنمّر على الآخرين.
قوانين حقوق الإنسان
وبحسب اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة فإن جميع الأطفال يمتلكون الحقوق، بصرف النظر عمن هم أو أين يعيشون أو أي لغة يتكلمون أو ما هو دينهم أو أفكارهم أو أشكالهم، ما إذا كانوا أولاد أو بنات، أو إذا كانوا ذوي إعاقة أو أغنياء أو فقراء، وبصرف النظر عمن يكون آبائهم أو أسرهم وافكارهم ومعتقداتهم أو ماذا يعملون. ولا يجوز معاملة أي طفل معاملة غير عادلة لأي سبب من الأسباب.
وتنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما ملخصه أن “لكل شخص حق في التعليم ويجب أن يوفر التعليم مجاناً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليم الابتدائي إلزامياً.. ويجب أن يستهدف التعليم التنمية الكاملة للشخصية”.

نحن نساعد الأفراد والمنظمات في العثور على بعضهم البعض

انضم إلينا