“كورال حنين” … بلسم لآلام الغربة
عندما تسمع كلمة حنين في الغربة يتراود إلى ذهنك الحنين إلى الوطن, الأهل وإلى كل شيء تتذكره من صور جميلة تركتها في بلدك. وفي تعريف معنى كلمة حنين في اللغة العربية أنه صوت الأم إلى ولدها, صوت الذي في فؤاده نزعة ألم, صوت الريح والنسيم الرقيق, صوت العود عند النقر عليه, صوت القوس عند الإنباض, صوت المرأة عندما تفقد زوجها, صوت المشتاق وهذا ما يترجمه كورال حنين في الغربة.
ولنعرف قصة حنين يمكننا العودة إلى صفحة “ملتقى حنين الثقافي”، التي ورد فيها:
تأسس ملتقى حنين الثقافي بمبادرة تطوعية من السيدة رجاء بنوت في ٢٢ شباط /2015 في مدينة غازي عنتاب التركية بالتعاون مع مجموعة من السيدات السوريات. كان الملتقى عبارة عن مكان تجتمع فيه السوريات للقيام بالعديد من النشاطات الاجتماعية، واللقاءات الدورية التثقيفية وورشات العمل وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي من خلال تشكيل مجموعة غنائية نسائية لإحياء التراث السوري والتعريف به والحفاظ على الهوية التراثية، وليكون بمثابة دعوة للاحتفاء بالحياة حتى في وقت الحروب والأزمات.
وبعد النجاح الذي حققته مجموعة كورال حنين في غازي عنتاب، تأسست مجموعة ثانية في برلين عام 2016.
ثم توالى تشكيل المجموعات في العام 2018 بالتعاون مع عدد من السيدات السوريات في بلدان الشتات السوري، لتتشكل “شبكة كورال حنين” التي تتألف حاليًا من 11 مجموعة موزعة على 6 بلدان هي: ألمانيا، تركيا، فنلندا، كندا، أمريكا، والسويد.
تضم المجموعات حوالي ١٧٠ سيدة، تدير كل مجموعة سيدة مسؤولة عنها وتعمل على التعاون مع الجهات والمنظمات المحلية. ويتم تنظيم النشاطات المشتركة من قبل إدارة الشبكة وتقديم الدعم اللازم بكل السبل الممكنة، مع الحفاظ على خصوصية ومرونة عمل كل مجموعة.
وفي العام 2018 تم تسجيل الملتقى بشكل رسمي ضمن قانون منظمات المجتمع المدني في برلين ألمانيا تحت اسم منظمة “NESWA” لتصبح “شبكة كورال حنين” إحدى مشاريعها الأساسية.
نطمح من خلال مشروع “شبكة كورال حنين” الى دعم السوريات في دول المهجر بتقديم مساحة آمنة لهن للالتقاء والتعارف وتسهيل اندماجهن في المجتمعات البديلة، والحفاظ على التراث الغنائي السوري وتعزيز التبادل الثقافي، ورفع سوية العمل الجماعي لديهن ليصبحن فاعلات ومؤثرات اجتماعياً ليساهمن في صناعة السلام في سوريا إن أتيح لهن ذلك. إيماناً منا بأهمية الغناء والفنون كأحد أكثر المداخل تأثيراً وخاصة في أوقات الحروب والماّسي الإنسانية.
بمناسبة عيد الفطر وعيد الفصح وأعياد الربيع, عقد كورال حنين ضمن فعالية “حنين عالخط” لقاء جمع عدداً كبيراً من سيدات حنين من مجموعات مختلفة من العالم. تضمن استعراضاً لتقاليد الأعياد في المناطق المُختلفة من سورية, وسرداً للفلكلور و تفاصيل وأغاني العيد للعديد من الطوائف و الإثنيات في سورية.
في لقاء خاص مع مؤسسة كورال حنين، تحدثت رجاء بنوت عن بدايات الكورال: “كانت البداية في عام ٢٠١٥, في تركيا في مدينة غازي عنتاب, هناك تعرفت على النساء السوريات المهجرات قسرياً , أغلبية هؤلاء النساء عانين من ظروف الحرب وشاهدن المآسي من اعتقال وقتل وتدمير. أحببت أن نجتمع لنخفف من العزلة التي فرضتها علينا ظروف الحرب والغربة معاً. عدت إلى ألمانيا في نهاية العام ٢٠١٦ لأتابع مع مجموعة ثانية من السوريات المشروع الذي بدأناه في عنتاب على أن يتم السعي لتشكيل مجموعات أخرى في اماكن تواجد المهاجرات والمهجرات السوريات.
بعد استقرار مجموعتي برلين وعنتاب، تواصلت مع النساء اللواتي عشن معنا بداية التجربة في عنتاب وهاجرن إلى أوروبا، واللواتي كن على استعداد لتشكيل مجموعات في أماكن وجودهن، فتشكلت مجموعة كندا تلاها مجموعة دورتموند وكوتبس وهامبورغ أوسنابروك وانطاكيا. أيضاً تشكلت مجموعات بالتواصل مع مهاجرات سابقات إلى أوروبا مثل مجموعة فنلندا والسويد وأميركا.
يتم التدريب عن بعد Online للمجموعات بالأعمال المشتركة وفي اوقات منع التجمعات بسبب كورونا و لكل مجموعة تدريباتها الفيزيائية الخاصة عندما تسمح الظروف بذلك. لدينا برنامج مُشترك لكل المجموعات ولباس رسمي موحد للكورال هو الثياب السوداء والشال الأخضر والكثير من السمات المشتركة.
أؤمن بأن الفن احدى الروافع الاساسية لتغيير المجتمع و مساحة للتمكين والتعرف على الذات وتعزيز الثقة بالنفس.
هذا الكورال هو نوع من العلاج النفسي, ومكان التقاء عشرات السوريات في الشتات ليتعارفن و يتساندن ويغنين الحنين لسوريا الجميلة ونريد ايضا من خلال هذا المشروع أن نقدم وجهاً من اوجه هويتنا السورية للحفاظ عليها وتأكيدها والتبادل الثقافي مع ثقافات اوطاننا الجديدة.
تجربتي مع الكورال ليست جديدة فأنا من مؤسسي جمعية النهضة الفنية في دمشق العام ٢٠٠٦ ورئيسة مجلس إدارتها حتى ال٢٠١٢ كانت الجمعية تعمل تحت شعار (يمكن للفن النهوض بالإنسان والمجتمع). وقد أسسنا مشروع كورال مختلط للكبار وكان عدد المشاركين فيه ٦٠ سيدة ورجل وما يزال الكورال يغني في دمشق ولكن العدد صار اقل بكثير.
كورال السويد
و في لقاء آخر مع سميرة زعير التي أسست كورال حنين في السويد في ٨ آذار ٢٠٢١، قالت: “عندما كنت في غازي عنتاب تعرفت على النساء في الكورال وأحسست أن الوقت الذي قضيته معهن كان تجربة نفسية مريحة لي, فكرة الكورال كانت جميلة للقاء النساء في الغربة, حديثاً انضممت إلى موزاييك حنين على الخط الذي شجعني أكثر لنبدأ هنا بالسويد لإنشاء كورال حنين السويد. أنا أرى أن الموسيقا جسر وصل بين الشعوب وأن الكورال سيكون بمثابة رسالة سلام إلى كل نساء العالم. ومن خلال الكورال يُمكننا التعريف بهويتنا السورية وثقافتنا.
رسالتنا هي التركيز على أن نكون صوتاً واحداً في الغربة, استطعت تأمين الدعم المادي لمشروعنا, من خلال هذا الكورال سيتم مشاركة النساء القدامى والجدد بتجربة رائعة ترى النور. التدريب سيكون مرتان في الشهر. أنا سعيدة جداً لأنني استطعت أن أنفذ هذا المشروع في السويد لما يحمله من حنين إلى الوطن وأن ألتقي بنساء سورية في مُلتقى نجتمع فيه لنعيد ذكريات الماضي من خلال أغاني تراثنا السوري ونشر السلام جمعنا!
و يبقى كورال حنين هو فسحة الأمل و بلسم لجراح نساء سورية في الغربة ومن هذا الكورال ستفوح رائحة الياسمين وتطير من خلاله طيور السلام في أرجاء العالم.
يمكنكم الاطلاع على تجربة حنين بالتفاصيل من خلال الموقع على الانترنت .